سوريون يتجمعون حول حطام السيارة المفخخة في جبلة أمس الأول. (أ. ف. ب)
سوريون يتجمعون حول حطام السيارة المفخخة في جبلة أمس الأول. (أ. ف. ب)
-A +A
عبدالله الغضوي (جدة)
وكأن التفجيرات والمفخخات التي تضرب «حاضنات» النظام السوري في مناطق الساحل تفجيرات تحت الطلب، يستدعيها النظام في الأوقات المناسبة لأسباب تتعلق بمتغيرات الصراع السوري وخلط الأوراق.

تفجير جبلة أمس الأول الذي أودى بحياة 15 شخصا، ولم تعلن تبنيه أية جهة - حتى الآن- يأتي في إطار محاولات النظام السوري لتوظيف مثل هذه الأعمال لخلط الأوراق، وإظهار أن الدولة مستهدفة بالعمليات الإرهابية، الأمر الذي يبرر بقاء الميليشيات الإيرانية والعراقية وغيرهما من الميليشيات الأخرى على الأراضي السورية.


من الناحية العملية؛ فإن أية عملية إرهابية في مناطق الساحل «العلوية» ليست بالأمر السهل، ذلك أن تلك المناطق تنتشر فيها ميليشيات الأسد «الخاصة» وكذلك قوات النظام، فقد تحولت هذه «الحاضنات» إلى مناطق عسكرية بحتة، فضلا عن كونها بيئة صعبة الاختراق أمنيا. الأسد يريد من مناطق الساحل؛ أن تتحول إلى صندوق بريد يوجه من خلاله الرسائل للحاضنة العلوية وللحلفاء وعلى رأسهم إيران وروسيا؛ فالرسالة الأولى لحلفائه والعالم أيضا أنه مازال يواجه «الإرهاب»، ما يبرر استمرار وجود الميليشيات باعتبار الخطر ما زال قائما، أما الرسالة الأكثر أهمية للعلويين، هي أن نظام الأسد «شخصيا» ولا أحد غيره وإن كان علويا، هو الضمانة الحقيقية لأمنهم، وهو الأمر الذي سعى ويسعى إلى ترسيخه منذ بداية الثورة، علما أن المعارضة السورية بكل تياراتها المعتدلة وغير المعتدلة لم تتبن أية عملية في مناطق الساحل منذ بداية الصراع، بل إن جيش الإسلام في الغوطة الشرقية مازال يحتفظ بمعتقلين من الطائفة العلوية، ويرفض النظام استبدالهم بمعتقلين سوريين في سجونه.

حالة الاستنفار الأمني والشعور بالخوف الدائم؛ استراتيجية اتبعها النظام ضد كل الشعب السوري وخصوصا الطائفة العلوية لتقسيم المجتمع السوري بين سني وعلوي، يغذي هذا الشعور انتشار الميليشيات الإيرانية الطائفية، فبالطائفية يسهل على الأسد التحكم بالمجتمع السوري.

ثمة أمر آخر يعمل النظام على تعميمه، وهو الحاجة الملحة للميليشيات الإيرانية في الساحل السوري، وخلق شعور لدى الطائفة العلوية بأهمية وجود هذه الميليشيات. خصوصا أن العلويين لا يبدون ارتياحا للوجود الإيراني مقارنة بالوجود الروسي في مطار حميميم، ويعزز ذلك الفارق الثقافي السوري في الساحل مع نمط السلوك الإيراني المتشدد.

وفي الآونة الأخيرة، بدأ الحديث عن ميل العلويين للوجود الروسي أكثر من الوجود الإيراني، باعتبار روسيا حليفا تاريخيا مقربا من المجتمع السوري، فضلا عن تأكيد الروس على علمانية الدولة السورية، بينما تريد إيران إلى تحويل سورية إلى دولة تابعة لحكم «الولي الفقيه»، هذا ما يثير خوف الشارع السوري بكل أشكاله الطائفية والعرقية، ومن هنا يمكن قراءة تفجيرات الساحل التي تعزز الحاجة لإيران في ظل الخلاف الروسي الإيراني على بقاء الميليشيات في سورية.